الأخبار
الجلسة الافتتاحية لمختبر الذكاء والبحوث التربوية (LIRP)

27 مارس 2025
في السادس والعشرين من مارس 2025، احتفلت جامعة دوموني (Domuni Universitas) بالجلسة الافتتاحية لمختبر الذكاء والبحوث التربوية (LIRP) [الاطلاع على مقال الإطلاق]، بحضور الأعضاء المؤسسين وممثلي الهيئات الأكاديمية في المؤسسة. يشكّل هذا الحدث محطةً محورية تجسّد مبادرة تم الإعلان عنها قبل أيام من قبل رئاسة الجامعة والكليات والفرق التربوية، في إطار مشروع طموح يهدف إلى التحسين المستمر لجودة التعليم العالي عن بُعد.
أصبح هذا الهيكل البحثي المبتكر الآن نشطًا بشكل كامل، وهو يعكس التزام دوموني العميق بتعزيز التفكير العلمي حول ممارسات التعلم عبر الإنترنت، ودمج الابتكارات التكنولوجية والبيداغوجية فيها، مع الربط بين مساهمات الذكاء الاصطناعي، والعلوم الإنسانية، والممارسات التربوية المستمدة من سياقات دولية متنوعة.
طموح قائم على التجربة والبحث
يأتي تأسيس المخبر في سياق استمرارية الجهود التي تبذلها دوموني منذ سنوات لإعادة التفكير في التعليم العالي عن بُعد بكل تعقيداته. وقد تم تصميم المخبر كمجال أكاديمي منظم، يُعنى بالتجريب، والتحليل النقدي، وابتكار آليات تربوية جديدة. ويستجيب هذا المخبر لحاجة حقيقية تتمثل في الجمع بين الخبرة الميدانية والدقة العلمية، بهدف مرافقة التحولات الجارية في مجال التعليم.
أتاحت الجلسة الافتتاحية وضع الأسس المنهجية والأخلاقية للمخبر، وتوضيح التوجهات الكبرى لمهامه. ويركز LIRP على إعادة قراءة الممارسات التربوية المعتمدة في دوموني بشكل نقدي، مع العمل على تصميم موارد وأدوات مبتكرة تتلاءم مع خصوصيات التعليم عن بُعد. كما يباشر المخبر تقييمًا نقديًا لاستخدامات الذكاء الاصطناعي في سياقات التعلم، لفهم ما يقدمه من فوائد، وما يفرضه من تحديات، وما يطرحه من إشكالات أخلاقية. وتندرج هذه الأعمال في إطار رؤية شاملة لتعزيز الجودة التربوية وفق منطق التحسين المستمر الدقيق والمتموضع.
فريق مؤسس يعكس البعد الدولي لجامعة دوموني
تقوم قوة المختبر على تنوع الفريق المؤسس له. فقد اجتمع في هذه المناسبة باحثون وباحثات، أساتذة، مسؤولون أكاديميون، وممارسون للتعليم عن بُعد، من أجل بناء رؤية جماعية مشتركة، تستند إلى التعدد الثقافي والتداخل المعرفي، وهما مبدآن أساسيان في هوية دوموني المؤسساتية.
ينتمي الأعضاء المؤسسون إلى مناطق مختلفة من أوروبا، إفريقيا، أمريكا اللاتينية، العالم العربي ومناطق عابرة للحدود، مما يجسد الانفتاح الدولي لمختبر الذكاء والبحوث التربوية. ويُسهم تجذرهم المحلي في سياقات تعليمية متنوعة في إغناء الحوار بين نماذج تربوية متعددة، ومناهج تكاملية، وتجارب عملية متنوعة. وتمثل هذه التعددية أرضية ملائمة لتفكير علمي نقدي ومُتموضع قادر على الإضاءة الدقيقة على تحديات التعليم العالي المعاصر عن بُعد.
أما من الناحية التخصصية، فالمعارف التي يوظفها المخبر تشمل طيفًا واسعًا: علوم التربية، الفلسفة، اللاهوت، علم الاجتماع، علوم البيانات، والذكاء الاصطناعي المطبّق في التعلم. ويعزز هذا التكامل المعرفي بروز حلول جديدة متجذرة في التقليد الفكري، ومنفتحة في الآن نفسه على آفاق العصر الراهن.
هيكل علمي قائم على محاور موضوعاتية
لضمان وضوح أعماله وتعزيز التناسق المنهجي، تم تنظيم المخبر حول قطبين علميين متكاملين، تم شرح محاورهما البحثية خلال الجلسة الافتتاحية.
يركّز قطب الإرشاد الإلكتروني (Cybermentorat)، الذي يشرف عليه الدكتور جان-لويس ميلان، على تحليل أشكال المرافقة التربوية عن بُعد. ويستكشف ديناميات العلاقة التربوية في البيئات الرقمية من حيث الزمن، والرمزية، والتفاعل، مع التركيز على دور المرشد، وأدوات التتبع الرقمية، ووسائل الوساطة التي تعزز التفاعل والانخراط الطلابي. ويُعتبر مفهوم "الإرشاد الإلكتروني"، الذي سبق اختباره في دوموني، موضوعًا بحثيًا مستقلًا في هذا السياق.
أما قطب الذكاء الاصطناعي، بإشراف لور شوكون، فيُعنى بدراسة الاستخدامات الحالية والناشئة للذكاء الاصطناعي في التعليم العالي. ويعمل على التفكير في شروط إدماج هذه التقنيات بشكل مسؤول وأخلاقي في الآليات الأكاديمية. ومن خلال إرساء حوار نقدي بين الإنسان والآلة، يستجوب هذا القطب التحولات الجارية في أدوار التربويين، وأشكال التفاعل، ومنطق التقييم.
حوكمة تشاركية ومنهجية تجريبية
يرتكز المخبر على حوكمة مرنة ومشتركة، يتولاها مجلس علمي يضم أعضاء من داخل الجامعة وخارجها، بإشراف منسقه العلمي. ويهدف هذا النمط من الإدارة إلى تشجيع الذكاء الجماعي، حيث تكون التوجهات العلمية للمخبر مرتبطة ارتباطًا مباشرًا باحتياجات مجتمعات التعلم.
وسيعتمد العمل البحثي بشكل خاص على "مقاطع سردية تعليمية" (vignettes cliniques) مستمدة من حالات واقعية عاشها الأساتذة والمرشدون والطلاب في دوموني. وتسمح هذه المقاربة الاستقرائية، المبنية على تحليل الحالات، بربط أعمال المخبر بالواقع اليومي، مع الحفاظ على بعد نقدي ومقارن.
رؤية استراتيجية لمستقبل التربية الرقمية
في ختام الجلسة الافتتاحية، نوّهت رئاسة الجامعة بالتزام الأعضاء المؤسسين، مؤكدة على الأهمية الاستراتيجية لهذا المختبر. فـ LIRP يُعد رافعة أساسية في السياسة الأكاديمية لدوموني، متماشية مع متطلبات البحث العلمي، وأهداف الجودة المؤسساتية، والرغبة في المساهمة النشطة في تحويل التعليم العالي عن بُعد.
ويهدف المختبر إلى الاندماج في شبكات البحث الدولية، ونشر أعماله في مجلات متخصصة – لا سيما في مجلة Télos العلمية الصادرة عن دوموني – وتطوير وحدات تدريبية موجهة لأساتذة التعليم العالي، لمرافقة تطور الكفاءات التربوية في العصر الرقمي.
دينامية أكاديمية جماعية ومنفتحة على العالم
خلاصة القول، يمثل LIRP أكثر من مجرد فضاء بحثي: إنه التعبير المؤسساتي عن إرادة جماعية لبلورة تصور للتعليم العالي عن بُعد، يكون دقيقًا، صارمًا، وإنسانيًا. ويجسّد قدرة دوموني على الجمع بين المعارف النظرية، والتجريب التربوي، والانفتاح العابر للثقافات، في عالم أكاديمي يشهد تحولات متسارعة.
ومن خلال هذا الافتتاح، تؤكد دوموني من جديد موقعها كلاعب مرجعي في ميدان البحث التربوي المعاصر، وفية لتقاليدها الفكرية، ومتطلعة بثبات نحو المستقبل.